وطنية - أقامت منظمة العمل الدولية، برعاية وزير العمل سجعان قزي، ورشة عمل تدريبية عن "مخاطر عمل الاطفال في القطاع الزراعي"، بالتنسيق مع محافظ عكار المحامي عماد لبكي وبالتعاون مع شبكة عكار للتنمية والتي انعقدت في قاعة الاجتماعات في مطعم سارناي في بلدة منيارة - عكار.
وقد مثل قزي رئيسة وحدة عمل الاطفال في وزارة العمل نزهة شليطا، نائب المدير الاقليمي لمنظمة العمل الدولية فرانك هاغمان ممثلا بحياة عسيران، مديرة شبكة عكار للتنمية نادين سابا ورؤساء بلديات وممثلين عن هيئات المجتمع الاهلي المحلي والمنظمات الاممية المهتمة بأزمة اللاجئين السوريين في محافظة عكار.
عسيران
بداية، ألقت عسيران كلمة هاغمان شكرت فيها الحضور على "تلبيتهم الدعوة والمشاركة في هذه الورشة التي تستمر على مدى 3 ايام"، مثنية على "التعاون المثمر والمنتج والجدي مع وزارة العمل ولا سيما وحدة مكافحة عمل الاطفال"، شاكرة للوزير قزي "دعمه لبرنامج مكافحة عمل الاطفال".
ثم قدمت شرحا عن "عمل ونشاط منظمة العمل الدولية ودورها الرئيسي والمختص بمكافحة عمل الاطفال عالميا وعربيا وعلى صعيد لبنان"، وقالت: "إن المنظمة ليس بامكانها مكافحة هذه المعضلة المتصلة بعمل الاطفال الا بتضافر كل الجهود على صعيد الوزارات المعنية والمؤسسة الرسمية ذات الصلة وكذلك المجتمعات المحلية وهيئات المجتمع المدني".
ولفتت الى ان "هذه الورشة تأتي ضمن مشروعين أعدتهما منظمة العمل الدولية، الممولين من برنامج التنمية والحماية الاقليمي RDPP ووكالة التعاون الايطالية وهما: تمكين التكيف الوظيفي وحماية شروط العمل اللائق في المجتمعات الريفية المتضررة من ازمة اللاجئين السوريين في الشمال، ومعالجة عمل الاطفال في صفوف اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في الاردن ولبنان".
شليطا
بدورها، ألقت شليطا كلمة استهلتها بنقل "تحيات وزير العمل سجعان قزي للحضور المشارك وتمنياته بالنجاح وتحقيق اهداف هذه الورشة"، وقالت: "إن لبنان يمر في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة تركت آثارا سلبية على سلوك الاطفال، سواء اللبنانيين منهم أو غير اللبنانيين بفعل اللجوء والنزوح، ناهيكم عن الاستغلال الذي يتعرضون له في حياتهم اليومية، حيث يعيش عشرات الآلاف من الأطفال أوضاعا قاسية سلبتهم طفولتهم وصحتهم، وقد يكون لبنان من الدول التي تسجل نسية عالية للاطفال العاملين بين عمر 10 و17 عاما، هذا ما أشارت اليه التقارير والخطط الوطنية ولا سيما خطة العمل الوطنية للقضاء على أسوأ أشكال عمل الاطفال. فالطفولة في لبنان منتهكة، مغتصبة، مغتالة، ولهذا الاغتيال أوجه عديدة، تكاد لا تبدأ بالعنف والتحرش، حتى تنتهي باستخدام الأطفال، خصوصا، تلك الأعمال المنهكة، التي تهد قواهم، وتهدد صحتهم، وتقضم أحلامهم".
ولفتت شليطا الى أن "ثمة أطفال كثيرون يعملون في لبنان ويتوزعون على أنواع عديدة من الأعمال الخطرة وأسوأ اشكالها، كالعمل في الشوارع والميكانيك وورش البناء والمطاعم والمتاجر والنجارة وفي المنازل وصولا للعمل في الزراعة، ليس بالمعنى الإيجابي نظرا إلى جمالية العمل في الزراعة، بل إنهم يستخدمون في أعمال خطرة كقيادة الجرارات والماكينات الزراعية وخلط المبيدات والأسمدة والقطف والتعامل مع النباتات السامة وتسلق الاشجار العالية واستعمال الادوات الحادة وذلك لساعات طويلة، بحيث يتم استخدام الاطفال في تلك الاعمال دون الادراك والوعي بمخاطر تلك الاعمال والاذى الذي يتعرض له الطفل الجسدي والنفسي والاخلاقي. أي بمعنى آخر الاعمال التي تهدم مستقبله وتقضي عليه في أحيان كثيرة".
وأشارت الى أن "الأسباب والعوامل التي تدفع بالاطفال للعمل كثيرة وعديدة ومن أهمها الفقر، التهميش أو الاقصاء المجتمعي، هشاشة الأوضاع الأسرية، تدفق اللاجئين السوريين، الجريمة المنظمة واستغلال أصحاب العمل لضعف الأطفال وهشاشتهم".
وقالت: "انطلاقا من حجم مشكلة عمل الأطفال وتأثيراتها السلبية على الطفل والمجتمع، وانسجاما مع الالتزامات الدولية والاولويات الوطنية، أولت وزارة العمل هذه القضية أهمية خاصة، ذلك ان كل طفل أو حدث يعمل او يقوم بعمل مسيء الى نشأته وأخلاقه، انما هو وصمة عار على من يكون مسؤولا عن توفير ظروف العمل اللائق. كيف يكون العمل لائقا عندما يكون العامل طفلا او حدثا مستغلا على أكثر من صعيد؟، من هنا دأبت وزارة العمل ومازالت تولي هذه القضية الاولوية التي تستحق، وذلك بالاستئناس دوما بأحكام اتفاقيتي العمل الدوليتين، الاولى رقم 138 المتعلقة بتحديد الحد الادنى لسن الاستخدام، والثانية رقم 182 التي تحظر اسوأ اشكال عمل الاطفال. التزاما بذلك، لجأت وزارة العمل، الى اصدار المرسوم الرقم 8987 تاريخ 29/12/2012 الذي حظر استخدام الاحداث قبل بلوغهم سن الثامنة عشرة، ولا سيما للقيام بالأعمال التي تشكل خطرا على صحتهم أو سلامتهم أو سلوكهم الاخلاقي".
وأكدت شليطا "أهمية التعاون والتنسيق مع المكتب الاقليمي لمنظمة العمل الدولية الذي له منا كل التقدير والشكر على ما قدمه من برامج سمحت للجنة بنشر الوعي واشراك جميع المعنيين كافة في التواصل مع شرائح المجتمع بهدف التوعية على مخاطر الظاهرة السلبية التي تضرب حياة الاحداث والاطفال في الصميم"، لافتة الى "انشاء الوزارة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، وحدة متخصصة لمكافحة عمل الاطفال في لبنان، كما شكلت لجنة وطنية مختصة من المعنيين في الادارات الرسمية والمجتمع الاهلي وممثلين عن منظمات دولية اخذت على عاتقها مكافحة هذه الظاهرة والتصدي لها من اساسها انطلاقا من ان القضاء على عمل الاطفال هو مسؤولية وطنية، والى تخصيص منبر للأطفال العاملين في الوزارة بالتعاون ايضا مع الجمعيات الاهلية في لبنان وخصوصا جمعية بيوند اسوسيشن، حيث يأتي الطفل والحدث، بمفرده وبمبادرة منه أو بصحبة أي متبن للقضية وشاهد على قساوة عمله، للتعبير عن شجونه وألمه وحسرته، فيلقى أذنا سامعة، حيث يبادر تفتيش العمل الى تقصي الواقع واتخاذ الاجراءات المناسبة حفاظا على الطفل والحدث من أي استغلال أو اساءة. وتطوير الموقع الالكتروني التفاعلي، للتوعية والابلاغ عن حالات الاستغلال، فلا تظل الوزارة بمنأى عن الطفل أو الحدث العامل بظروف قاسية ومتعارضة والنصوص الوضعية".
أضافت: "أعدت الوزارة دليلا ارشاديا كاملا بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وبالاشتراك مع الجامعة الاميركية في بيروت، كما أعدت الوزارة من خلال اللجنة الوطنية لمكافحة عمل الاطفال وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية استراتيجية التوعية الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الاطفال في لبنان التي تعتمد التدرج في عملية التوعية على مدى 3 سنوات وصولا الى تحقيق الهدف المنشود والذي يتوافق مع التزامات لبنان الدولية وهو القضاء على اسوأ اشكال عمل الاطفال دون سن الثامنة عشر عاما. وخطة العمل الوطنية وعنوانها "القضاء على أسوأ اشكال عمل الاطفال في لبنان" بحلول عام 2016، حددت فيها تسع أولويات استراتيجية من شأنها أن تشكل خارطة الطريق لمكافحة عمل الاطفال في لبنان، وهي تتطلع الى تحقيق أهداف واقعية وقابلة للتحقيق، اذا ما تضافرت جهود الجهات المعنية على مساحة الوطن".
وتابعت: "للاطفال حق علينا في حمايتهم، ومعا نستطيع أن نغير ظروفهم وحالهم، وذلك عبر التحرك بالاتجاه الصحيح والتقدم السريع لمعالجة أسباب المشكلة مع تقديم دعم فوري لهؤلاء الاطفال. وقد حان الوقت لمعالجة هذه الظاهرة عبر التضامن واتخاذ تدابير فعالة والخاصة بالحماية الاجتماعية، تأمين التعليم الالزامي والمجاني والرعاية الصحية والاجتماعية التي من شأنها أن تساعد الاسر على المضي قدما والتصدي لهذا الوضع المذري، كما تحدث تغييرا واضحا وعلامة فارقة في حاضرهم ومستقبلهم".
وختمت: "باسم وزير العمل الاستاذ سجعان القزي، دعوة الى تجديد الالتزام وتوحيد جهود جميع الاطراف الحكومية ومنظمات أصحاب العمل والعمال والمجتمع الاهلي والمنظمات الدولية والعربية لمكافحة عمل الاطفال باعتبار أنها مسؤولية وطنية بامتياز، وحق الطفل علينا يعلو فوق كل حق ومصلحته تتقدم كل المصالح والاعتبارات، والعمل بمسؤولية ثابتة يفرضها القانون والواجب الوطني".
هذا وتستمر الورشة على مدى ثلاثة أيام متتالية في نفس المكان من الساعة التاسعة صباحا ولغاية الساعة الخامسة مساء، ويتحدث فيها خبراء وباحثون مختصون يتناولون كامل جوانب مشكلة عمل الاطفال وتأثيراتها السلبية على مختلف جوانب حياة وسلوك الأطفال، والمقترحات الممكنة للحد من مخاطرها السلبية على أن تصدر اقتراحات وتوصيات عامة في هذا الاطار عن المشاركين في ورشة العمل.